منتديات نور الشيعه
يا هلا وغلا بل الجميع

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور الشيعه
يا هلا وغلا بل الجميع
منتديات نور الشيعه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ليلة المعاطف الرئاسية

اذهب الى الأسفل

 ليلة المعاطف الرئاسية  Empty ليلة المعاطف الرئاسية

مُساهمة من طرف خادم الحسين الخميس أكتوبر 11, 2018 2:25 pm



عوالم الدولة البوليسية في رواية ليلة المعاطف الرئاسية

لـ محمد غازي الأخرس
حسن السلمان

في روايته ( ليلة المعاطف الرئاسية ) الصادرة عن دار الحكمة / 2018، يساهم الكاتب محمد غازي الأخرس في أرشفة حقبتين مختلفتين من التاريخ


السياسي العراقي وتداعياته الاجتماعية سردياً. تتمثل الحقبة الأولى بما قبل عام 2003 حيث حكم النظام السابق، وقد مثل لتلك الحقبة بمسارٍ سردي ذي

مناخ وطابع فانتازي البيئة والمكان، بينما مثّل لحقبة مابعد عام 2003 وسقوط النظام السابق بمسار واقعي. لكن، وعلى الرغم من اختلاف الحقبتين

الزمنيتين وطرق معالجتهما فنياً، وعلى الرغم من واختلاف طبيعة نظام الحكم ومساريهما السرديين إلا أنهما متدخلان من حيث الثيمة: إذ يمثل العنف والإرهاب

السياسي والاجتماعي الثيمة المشتركة لكلا المسارين. في المسار الأول، تبدأ الحكاية باعتقال شخص يدعى ( القارئ ) من قبل جنرال يمثل السلطة

الحاكمة ويطالبه بتأويل وفك شفرات نصوص شعرية لشخصية تدعى ( الخاتون ) تحتوي على نتائج أبحاث مهمة وخطيرة تخص الدولة، حيث نتعرف على

منشأة أو معسكر يضم مبانيَ وعنابر ومرافق ومختبرات تجرى فيها بحوث وتجارب سايكولوجية على جثث لجنود معدومين وقتلى ومعارضين في صورة فانتازية

من خلال رسمه لعوالم مرعبة مقرفة حيث الجثث المتفسخة والتي تسيل الدماء من جوانبها وتتهرأ لحومها وأسراب من الغربان البشعة تطير في فضاء

المعسكر وتتغذى على برك المياه القذرة ودماء الجثث...الخ من تفاصيل الرعب حيث عنابر الجثث المعتمة والأبنية والمختبرات المخيفة. في هذا الفصل، فصل

الجنرال ( كوكز ) ومعسكره الرهيب، نتعرف على انظمة تفكير الدول البوليسية وممارساتها الإجرامية، حيث القتل والتغييب والقهر وتزييف الحقائق والتاريخ

والاستلاب ومراقبة الناس وتنشئتهم بما يتماشى وينسجم وأفكار ورغبات شخصية ( الأخ الأكبر ) التي تناظر السيد الرئيس القائد الأوحد وعوالم دولته البوليسية / الكابوسية حيث تتشابه اجواء ومعالم معسكر الجنرال كوكز الرهيب ذات الطابع البوليسي إلى حدٍ ما مع اجواء ( أوشيبيا ) تلك المقاطعة الخيالية

التي شيدها الكاتب الإنجليزي اليساري ( جورج أورويل ) في روايته ذائعة الصيت ( 1984 ) على غرارِ مقاطعةٍ أو معسكرٍ يعج بالوزارات والمؤسسات البوليسية التي تعمل على تزييف التاريخ ومراقبة الناس وتعذيبهم وغسل ادمغتهم حيث يصبح في مفهوم الأخ الأكبر ودولته البوليسية: ( الجهل قوة، والحرية عبودية، والحرب هو السلام ...) الخ من خدع واكاذيب الدولة البوليسية.
في المسار الواقعي، يعمل الكاتب على استعادة احداث مختلفة، يقع بعضها قبل عام 2003 والبعض الآخر مابعد التغيير، وهي احداث حافلة بالممارسات

الاجرامية للنظام السابق، احداث غنية عن التعريف والإشارة، بينما احداث ما بعد عام 2003 لاتقل إرهاباً وبشاعة عما حدث في زمن ( الاخ الأكبر)، من قبيل

الاقتتال الطائفي المأساوي في عامي 2006 و 2007 ومارافقه من جرائم قتلٍ بشعةٍ وخطف وتفجيرات بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، وتفشي ثقافة

العنف والفساد على كافة مستوياته الإدارية والمالية والسياسية، وذلك عبر رحلة مرعبة تقوم بها شخصية تدعى ( المدير ) لتحرير أولاده المخطوفين مقابل

فدية من المال، رحلة تصور بشمولية ودقة اجواء الموت والرعب حيث يقتل اولاده ويموت هو من شدة الخوف الذي حاولت مختبرات السلطة معرفة كنهه بغية

معالجته والوقوف على اسبابه في معسكرها الرهيب الذي يشرف عليه جنرالها المطيع، ومن خلال هذه الرحلة الاستكشافية نشاهد جثث الابرياء المغدورين ملقاة في المزابل وعلى أرصفة الشوارع والساحات.


فنياً، جاءت لغة الرواية قوية متماسكة، تتراوح مابين فصل وآخر مابين اللغة الإخبارية / التقريرية، واللغة ذات المناخ الشعري حينما يجري استعادة احداث الماضي بأمكنته الحميمة وذكريات النشأة والتعليم والصداقات والأحلام .
بذل الكاتب جهداً كبيراً في استعادة أكبر قدر من الحكايات لإدامة زخم روايته الدرامي، إلا أن التوالد الحكائي بشكل استطرادي، ودون أن يكون ـ أحياناً ـ لهذا

التوالد مبرر أومسوغ وظيفي، جعل من بعض الحكايات الفرعية فائضاً سردياً اثقل كاهل الرواية. كذلك، وعلى الرغم من أن الوصف يُعد من اهم وحدات السرد

القصصي كونه يشكل الصورة المرئية للشخصيات والأمكنة، إلا أن الوصف الذي كان بعضه تفصيلياً، والذي كان يأتي بمناسبة ومن دون مناسبة للشخصيات

المحورية والشخصيات العرضية / العابرة، والتي تُعد شخصيات تكميلية ليس إلا، أخلّ بإيقاع سير النص قاطعاً الطريق على تفاعل واستغراق القارئ في مواكبة الاحداث والتفاعل معها والبقاء في دائرة اجوائها.
من المعروف أن الاستهلال يعتبر أمراً مهماَ. فاذا كان استهلالاً مؤثراً مقنعاً ستنعقد فوراً أواصر الثقة مابين المتلقي والكاتب، وبعكسه ستهتز ثقة المتلقي

ويبقى على شك فيما يقرأه، إن واصل القراءة. يستهل الكاتب روايته بمشهد واقعي يتمثل بمداهمة جنرال بشع الهيئة لمنزل شخص يدعى ( القارئ ) ويأمره

بمرافقته لتأويل نصوص شعرية تتضمن اسراراً تخص الدولة!!. لابأس. لكن أن يجري الحوار مابين جنرال مرعب يمثل سلطة غاشمة وبين شخص بسيط وكأنه

يجري مابين جارين أو معارف وبلغة باردة لامنطقية ذلك هو بالضبط مايجعل الاستهلال متهافتاً وغير مقنع بالمرة. ولابأس ببعض مادار مابين الجنرال البشع

الذي جاء على ظهر دبابته للتدليل على كلامناSad القارئ:ـ من انت ؟ـ انا الجنرال كوكز، لاتخف يااخي. القارئ: كم سنتأخر؟. مجرد ساعات. وهل ستعيدني؟

مؤكد، هل تتوقع أن اتركك تأتي وحدك، ماهذا الكلام؟) ومن ثم يطلب القارئ من زوجته التي تقول له (لاتذهب معه إنه مخيف ) كما لو أنه ( بعبع ) لاجنرال سلطة مرعبة، أن تجلب له قمصلته وصابونته وموس حلاقته وكأنه ذاهب في نزهة!!.



كان بإمكان الكاتب تلافي استخدام العبارات الدارجة وبشكل مفرط في المحلية وبصورة هزلية أحياناً في فصل المعسكر / الفانتازي الكابوسي المرعب، إذ أن تلك العبارات المألوفة الحوارية التي كانت تجري مابين شخصيتي القارئ والجنرال، وبصورتها التي اشرنا إليها، ستخرج القارئ من الجو الفانتازي اللامألوف

المرعب وتنسف كل مابناه الكاتب من عوالم كابوسية، بل وتجعل من القارئ يعيد النظر من أن هناك بالفعل ( واقعاً ) يرتكز عليه المتخيل أو يمر من خلاله،

فـ ( القراء لايكتفون بما تقدمه لهم الروايات، إنهم يريدون التأكد من أن ثمة عالماً واقعياً يقف وراء المتخيل ) وبخلاف ذلك ستهتز صورة الإقناع ويسقط العمل برمته في الارتجال والمجانية.


ولكي تحافظ الرواية على توازنها عبر تخصيص مساحات سردية حسب اهمية الشخصية ودورها في حبكة الرواية، لم يول الكاتب، أو يفرد مساحة وافية

لشخصية ( الخاتون ) مثلاً، على الرغم من كونها شخصية مهمة بحكم امتلاكها لكلمة سر أبحاث المعسكر ومختبراته، إذ بقيت مغيبة ولم يلتفت اليها إلا في

آخر فصول الرواية حيث جاء تقديمها بشكل شاحب عابر.


إجمالا ً تعد ( ليلة المعاطف الرئاسية ) إضافة سردية مجزية ل

إرشيف السرد الروائي العراقي الذي أضاء الكثير من النقاط المعتمة التي حاولت السلطات وعلى مختلف مسمياتها الجائرة جعلها قابعة في الظل رغم الهِنات والإخفاقات الفنية / البنائية
.

خادم الحسين

ذكر تاريخ التسجيل : 03/12/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى