فضيلة الاستاذ المشيمع : النظام في ورطة وهناك من يسعى لإنقاذه منها

خطبة فضيلة الأستاذ حسن المشيمع - جامع الإمام الصادق بالقفول .
بعد صلاة العشاءين – ليلة السبت من كل أسبوع..( 20 صفر المظفّر 1431هـ ، ذكرى أربعينية الإمام الحسين “ع” ) ليلة السبت – الموافق 5/2/2010م
أكَّد الأستاذ المشيمع أن ذكرى أربعينية الإمام الحسين عليه السلام لا تقتصر على دفن الرؤوس وعودة السبايا ولكنها جاءت لتشكل امتدادا لحركة الإمام الحسين عليه السلام. كما أكد أن نهضة الإمام لم تكن مرتبطة فقط بتلك السويعات في العاشر من محرَّم لكنها حركة ممتدة ومتواصلة وهو الأمر الذي حرص على تأكيده وترسيخه أهل البيت عليهم السلام وربط الأمة بذلك التاريخ وما بعده والاستفادة من تلك الفاجعة ونزيف الدم في كربلاء ليبقى الوعي والصحوة لدى الأمة مشيرا إلى سعيهم لكيلا تتحول مأساة كربلاء لمجرد حالة بكائية وعاطفية فحسب بل لترتبط بحالة الوعي والبصيرة، لافتا إلى ضرورة أن تأخذ كل حركة في كل جيل هذا الامتداد والترابط بين الثورة ونتائجها والاستفادة من التضحية وعدم التفريط بها وذلك بأن تصاحبها حركة إعلامية حقوقية وسياسية تعمل على إبراز وإيصال الأهداف والرؤى لتلك الحركة والثورة.
وبيَّن المشيمع بأنَّ حركة الإمام الحسين كانت ترسخ عدم القبول بالظلم وتوريث الحكم عن طريق الفرض من دون اختيار الناس كما كان في رفضه تولية يزيد بن معاوية على الأمة، مشيراً إلى أن الأسباب واضحة خاصة عندما نعرف أن الحاكم في العقيدة الإسلامية ما هو إلا خادمٌ وساهرٌ على مصالح الشعب لا أن يكون ناهباً للأموال لتصبَّ في جيوبه الخاصة.

وأكد المشيمع على عدم الفصل بين الثقافة التي كان يتصف بنو أمية في ضرب النساء وقطع الروؤس والتمثيل بالجثث عن واقع وطبيعة الصراع وتقييد الأسرى بالحديد والسلاسل والدماء تسيل من أجسامهم رغم رحلة الأسر الطويلة والمرض كما كان حال الإمام زين العابدين ، مضيفا: لا يمكن نسيان هذه الثقافة ونمط التفكير لدى الآخر، إذا لم تعرف ثقافة الظالم فلن تستطيع مواجهته. منوها أننا عندما نقرأ عما جرى في كربلاء من عملية قتل متعمد والإمعان في الأذى والألم والتعذيب فإنها ثقافة موجودة لدى النظام ولا تختلف كثيرا عن ذلك النظام اليزيدي؛ فيزيد نهب الأموال وكذلك الأموال تنهب في الوقت الحاضر بوسائل مختلفة، لقد مارس يزيد القتل والتعذيب وهو عين ما قام به هذا النظام، وها هو الآن يقوم بنزع السواد ( كشعار للحزن على الإمام الحسين “ع” ) خلافا للحريَّة في الممارسة الدينية والعقائدية التي تؤكد عليها الأعراف الدولية.

وعرض المشيمع للحديث عن دلالة مشهدين مما حدث بعد واقعة كربلاء خلال رحلة أسر أهل البيت وعيالات الحسين :

(1) وصول السبايا من كربلاء إلى الكوفة:
أشار المشيمع إلى أن السيدة زينب عليها السلام والإمام زين العابدين خطبا في الناس الذين تجمعوا لمشاهدة ركب السبايا وأنبوهم على التفريط بنصرة الحق ولم يمنعهم ذلك حالة البكاء والعويل الذي أبداه أهل الكوفة لدى استقبالهم سبايا أهل البيت لأن أهل الكوفة لم يقفوا موقفا إيجابيا ويعترضوا على النظام فيكونون قد شاركوا في قتل الإمام الحسين . ولفت المشيمع إلى عملية التضليل والتمويه التي مارسها الإعلام الأموي حين صور موكب سبايا أهل البيت بأنه موكب لسبايا من الخوارج.
وأكد المشيمع أنَّ أهل البيت رفضوا الخداع والتحايل ولم يقبلوا أن يكون موقف الناس كالقول المشهور: قلوبهم معك وسيوفهم عليك، مشددا على الاستفادة من هذا المشهد بأخذ الموقف الذي يناصر المظلوم وليس الموقف الذي يسند ويخدم الظالم.

(2) السبايا داخل مجلس ابن زياد:
أوضح المشيمع أنّ ابن زياد – وهو مجهول النسب – كان في حالة انتفاش ونشوة عند استقباله رأس الإمام الحسين والسبايا وفي مقدمتهم زين العابدين والسيدة زينب ، وعلَّق بالقول: إنَّ هذا جزء من سلوك الظالم والمتولد عن نطفة حرام والذي يفرح بقتل مثل الإمام الحسين ، يتابع المشيمع: يعقد المجلس ثم يشرع وأمامه رأس مقطوع من الجسد، انظروا كيف ملأ الحقد قلبه، يشرع في ضرب الرأس الشريف وقرع شفتي الإمام الحسين ، فينبري أحدهم ( زيد بن أرقم ) فيقول: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رأيت شفتي رسول الله عليهما مالا أحصيه كثرة تقبلهما، ثم انتحب زيد باكياً فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، أتبكي لفتح الله؟ والله لولا أنَّك شيخٌ كبير قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فانصرف وهو يقول: أيها الناس أنتم العبيد بعد اليوم، قتلتم ابن فاطمة، وأمَّرتم ابن مرجانة، والله ليقتلن خياركم وليستعبدَّن شراركم فبعداً لمن رضي بالذل والعار.وقال المشيمع معلقا: الناس تعرف مقام الحسين عند الله ورسوله (ص)، مشيراً إلى الفرق بين الموقف المبدئي العقائدي و الموقف الاستسلامي وما هي النتائج، وأضاف: كان من الممكن أن يسكت كما سكت الآخرون. وأشار أيضا إلى موقف عبد الله ابن عفيف الأزدي الذي كان في المسجد على فسمع عبيد الله بن زياد يخطب: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه، وقتل الكذاب بن الكذاب وشيعته. فقام إليه ابن عفيف وقال له: يا ابن مرجانة؛ إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك، ومن استعملك وأبوه يا عدو الله. أتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين؟ فغضب ابن زياد وقال: من هذا المتكلم؟ فقال: أنا المتكلم يا عدو الله؛ أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس وطهرهم تطهيراً، وتزعم أنك على دين الإسلام واغوثاه … أين أولاد المهاجرين والأنصار ينتقمون منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين؟ فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت أوداجه.. وتوجه إلى جلاوزته قائلاً: علي به فتبادرت إليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه، فنادى بشعار الأزد “يا مــبرور” وفي الكـوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل فاجتمعوا وانتزعوه من الجلاوزة.

وقال المشيمع إن الأنظمة تمارس عملية الغطرسة وتمعن في القتل ظنا منها أنها ستتمكن من أن تقتل إرادة الأمة وإلا فإنها تنتقل إلى البعد الثاني وهو الحرب الإعلامية لتسهم في عملية تمييع إرادة الناس وكانت الآثار المتوقعة هي استسلام أهل البيت وكذلك استسلام الأمة كلية لكن ما حصل هو العكس فمع ما جرى من القتل بطريقة بشعة لا تزال الإرادة حيَّة وقويَّة وصلبة وهذا ما عجَّل بزوال عرش بني أمية وهلاك سلطانهم.

وانتقل المشيمع للحديث عن طبيعة العلاقة التاريخية مع النظام الذي مارس القتل والتعذيب وهو ما ينبغي ألا ننساه لأنه جزء من تاريخنا، فهل تاريخ نظالنا قد بدأ اليوم أو في التسعينات؟ هل الظلم قد وقع علينا منذ مدة قريبة فقط؟ منذ متى بدأ الصراع في البحرين وسقط الشهداء؟ وقال مؤكدا: منذ هيئة الاتحاد الوطني وما قبلها، في كل هذا الامتداد كان هناك شهداء، المعاناة ليست وليدة اليوم، ونهب الأراضي والظلم ليس جديدا، لا يوجد مبرر للنظام لأن يقول أنكم متربطون بإيران فهو قول سخيف وهو يعلم بذلك .. هو يعرف أنه مارس الظلم ضد أهل البحرين منذ قدومه إلى البحرين.. فهل توقف الظلم أم لا زال مستمرا؟

وأضاف: النظام هو من يحول المظاهرات السلمية إلى مواجهات، هو من يمارس الغطرسة والضرب وهو الذي يملك القوات المرتزقة ويملك المال والإعلام ويسخره لصالحه لتغييب الحقيقة وللأسف فإن هنالك أناس مستعدون للتصفيق لهذا الكذب وترويجه. هل نصدِّق أن النظام لا يريد ضرب الناس وأن الناس هم السبب في ذلك؟ هل السبب هو حرق إطار؟ تدهور المعيشة والآثار الكارثية لتدمير البلد عبر مشروع تغيير التركيبة السكانية أليس سببا؟ تعذيب الناس في السجون أليس سببا؟ نهب الجزر والأراضي أليس سببا؟ أليست الداخلية تأتي بمرتزقتها وتستخدم الأسلحة بشكل مفرط وتتعمد الإضرار بالناس؟ .. الظالم نعرفه ونعرف ألاعيبه منذ سنين ولكن يخرج من يقول أن سبب الأزمة هو إطار يحترق! إنَّ ما يحدث كفيل بأن يحدث ثورة عارمة في البلد فالظلم واقع على الشعب بجميع فئاته.

وأشار المشيمع إلى ما كتب في احدى الصحف والحديث عن الأذى الذي يلحق بالناس هو نتيجة حرق الإطارات، وقال: إذا كنت شجاعا فقل أن كل ما يحدث هو نتيجة التصرفات الحمقاء للنظام، مضيفا: لا بدَّ أن نعرف من هو الظالم والمظلوم .. من يتحدث عن العنف والألم والمعاناة عليه أن يوجه السهام للنظام، اوقفوا نهبكم وسرقاتكم وتعذيبكم واخلقوا الجو الموائم للحوار فعندها ستختقي كل هذه المظاهر.

وأكد المشيمع أن النظام في ورطة فهل نريد أن ننقذه من ورطته ونكافأه على ما فعل بشعب البحرين؟ كما شدد على أهمية تجديد وتنويع أساليب الاحتجاج وأن نستمر في الضغط لنسترد بعد حقوقنا التي بقينا نشتكي من غيابها زمنا طويلا، علينا أن نكون واعين وألا ينتابنا الضعف.

وتابع: اليوم القضية أصبحت واضحة فلا يصح أن نحوِّر الحقائق، .. لذلك أرجو أن ننتبه وأن نكون واعين. هذه الأيام هناك لعبة إعلامية سيئة تريد أن تحرف واقع الساحة وتشغل الناس بقضايا جزئية لينسوا معركتهم الحقيقية ضد الظالم.

(لسماع الخطبة – صوت – الرجاء زيارة هذا الرابط بالأسفل)

http://www.mediafire.com/?izeiwnzmzqq