منتديات نور الشيعه
يا هلا وغلا بل الجميع

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور الشيعه
يا هلا وغلا بل الجميع
منتديات نور الشيعه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الاستعداد لشهر رمضان

اذهب الى الأسفل

الاستعداد لشهر رمضان Empty الاستعداد لشهر رمضان

مُساهمة من طرف sun السبت يوليو 30, 2011 6:19 am



الإستعداد لشهر الله تعالى (شهر رمضان ) ( ج1 ) شرح خطبة قدوم رمضان لرسول الله صلى الله عليه وآله



الإستعداد لشهر رمضان

بيننا وبين شهر الله تعالى ايام قليلة، وهو من فرص العمر، وختام الشهرين اللذين أريد لهما أن يكونا دورة إعداد وتدريب للدخول إلى شهر الله عزّ وجل بعزيمة مختلفة، وقلب منير، ليتمكّن المؤمن من استثمار كلّ دقائق هذا الشهر المبارك.
يجب إذاً، أن نستثمر هذه الأيام بشكل خاص في مجال الإستعداد لاستقبال شهر الله تعالى. صحيح أن كلّ شهر رجب وكلّ شهر شعبان يجب أن يستثمرا وبأفضل وجه، إلاّ أنّ للأيام الأخيرة من شعبان أهميّةً خاصّة، تقدّم بيانها في الحديث السابق،من خلال الرواية التي تتضمن تعليمات من الإمام الرضا عليه السلام. ومنها أن يُقبل الإنسان على ما يعنيه، ويُكثر من الدعاء والإستغفار وتلاوة القرآن، وأن ينزع الغِلّ والحقد من قلبه ليدخل في شهر الله تعالى طاهراً مطهراً وقد تاب إلى الله تعالى من ذنوبه، وأقلع عن المعاصي، وأكثَرَ من قول: "اللهم إن لم تكن قد غفرت لنا في ما مضى من شهر شعبان فاغفر لنا فيما بقي منه".

يجب أن ندخل إلى هذا الشهر ونحن مؤهلون لضيافة الرحمن.
أفليس من الخطأ الفادح والغفلة القاتلة، أن يدعونا الله إلى ضيافته فلا نهتمّ بهذه الدعوة والضيافة.
لو أنّ شخصاً عادياً دعانا لَعبّرنا عن اهتمامنا بهذه الدعوة بنسبة من النسب.
وكلّما كان صاحب الدعوة، الداعي، أهمّ وأعظم كلّما أصبح الإهتمام بهذه الدعوة أهم وأوجب. ولنفترض أنّ أحدنا جاءه الإذن بلقاء صاحب الزمان أرواح العالمين له الفداء، وأبلغ من قِبل الإمام أن يذهب إلى لقائه في اليوم الفلاني في المكان الفلاني، فكيف يكون اهتمامه بهذه الدعوة وكل من نتشرف بلقائهم يتمنون أن يحظوا منه بنظرة ؟
وهكذا إلى أن نصل إلى ضيافة رسول الله صلى الله عليه وآله.
لقد أتاح لنا الله عزّ وجل بكرمه ورحمته ومنّه أن نكون ضيوفه في شهر رمضان المبارك!! ألا ينبغي أن نكون من الآن قبل شهر رمضان
خلية عملٍ دائم للإستعداد لهذه الضيافة؟

وكيف يرضى أحدنا أن يدخل حرم الضيافة، ضيافة الرحمن،وهو يحمل أوزاره على ظهره، ويرتكب هذا المحرّم أو ذاك، مقصّراً في طاعته سبحانه.
من كان لا يصلّي فعليه أن يلتزم بالصلاة، ومن كان قد أساء إلى أحد فعليه أن يطلب المسامحة. ومن كان منا قد اغتاب فعليه أن يقلع عن الغيبة ويستغفر،ويتسامح ممن اغتابه إذا لم يكن إخباره بذلك قد يؤدي إلى خلاف.
ومن كان لا يدفع خمس ماله، فإنّ عليه أن يطهّر نفسه،وعياله وبيته،بتعيين مافي ذمته بمراجعة مختص بذلك،حتى إذا لم يستطع الآن أن يدفع شيئاً،حيث يتم نقل الحق الشرعي المترتب عليه من عين الأشياء التي وجب فيها الخمس إلى ذمته،ويدفع لاحقاً مايتوجب عليه حسب استطاعته، وهو الذي يحدد هذه الإستطاعة لاسواه.
إن علينا أن نغتنم هذه الفرصة الأخيرة والمثالية من شهر شعبان للإعداد والإستعداد، لندخل إلى حرم ضيافة الرحمن بأفضل ما يمكننا أن نكون عليه طاهرين مطهرين ليرضى عنّا ربّنا عز وجل.
وعلى الأقل يجب أن نحرص على ذلك، ونحاول أن نتطهر ليرحم مولانا - وهو نِعم المولى -عجزنا ومسكنتنا ويأخذ بأيدينا ويجعلنا من عتقائه الكثيرين من النار،في أخر شهر شعبان.

ألم يقل الإمام الرضا عليه السلام: " فإن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقاباً من النار لحرمة شهر رمضان".
حقاً.. ماأروع أن يدخل شهر الله تعالى على المسلم، وقد من الله سبحانه عليه بهذه النعمة الكبرى.
"يامن يعطي من لم يعرفه، أللهم جد علينا". وليس من صفاتك ياسيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية".

خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في استقبال شهر رمضان

ومما يدلّ على أهميّة الإستعداد لشهر مضان في شهر شعبان الخطبة الشهيرة لرسول الله صلى الله عليه وآله،والتي خطبها في آخر شهر شعبان ليكون هناك متسع من الوقت فيستعدّ المسلمون فيما بقي من الشهرلاستقبال شهر رمضان بحيث يكونون أهلاً لضيافة الرحمن.
وسأقف في الأحاديث المقبلة - بحوله تعالى- بشيء من الإيجاز عند هذه الخطبة لنتعلّم من سيّدنا ومولانا وقائدنا وهدانا وحبيب قلوبنا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف ينبغي أن نستعدّ لشهر الله تعالى، شهر رمضان.
وإليك أولاً الخطبة بتمامها، وهي كما يلي:
عن (الإمام) علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه السيد الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام، قال:

إن رسول الله صلى الله عليه وآله خطبنا ذات يوم فقال :

* أيها الناس، إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، وهو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من أهل كرامة الله، أنفاسكم فيه تسبيح ، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة، أن يوفقكم .. لصيامه وتلاوة كتابه ، فان الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم . واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه ، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم، ووقروا كباركم، وارحموا صغاركم، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم، وغضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعما لا يحل الإستماع إليه أسماعكم، وتحننوا على أيتام الناس ... يتحنن على أيتامكم، وتوبوا الى الله من ذنوبكم ، وارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلواتكم ، فانها افضل الساعات ، ينظر الله عز وجل فيها بالرحمة الى عباده، ويجيبهم إذا ناجوه، ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه .

* أيها الناس، إن أنفسكم مرهونه بأعمالكم، ففكوها باستغفاركم، وظهوركم ثقيلة من أوزاركم، فخففوا عنها بطول سجودكم، واعلموا أن الله عزوجل ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين والساجدين، وأن لا يروِّعهم بالنار، يوم يقوم الناس لرب العالمين.

* أيها الناس، من فطَّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، ومغفرة لما مضى من ذنوبه، فقيل : يا رسول الله وليس كلنا نقدر على ذلك؟ فقال عليه السلام: إتقوا النار ولو بشق تمرة، إتقوا النار ولو بشربة من ماء.

* أيها الناس، من حسَّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز. على الصراط يوم تزل فيه الاقدام، ومن خفف منكم في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه، ومن كفَّ فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن أكرم فيه يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه، ومن تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار، ومن أدى فيه فرضاً كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور، ومن اكثر فيه من الصلاة علي ثقّل الله ميزانه يوم تخف الموازين، ومن تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور . أيها الناس، إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلقة فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فاسألوا ربكم ألا يسلطها عليكم.


* قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فقمت وقلت : يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر؟ فقال : يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ، ثم بكى، فقلت : يا رسول الله، ما يبكيك ؟ فقال : يا علي، لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث اشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فضربك ضربة على قرنك تخضب منها لحيتك.

قال أمير المؤمنين عليه السلام : فقلت : يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني ؟
فقال عليه السلام: في سلامة من دينك، ثم قال : يا علي، من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبك فقد سبني، لأنك مني كنفسي، روحك من روحي، وطينتك من طينتي ، إن الله عزوجل خلقني وإياك، واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي. يا علي أنت وصيي، وأبو وُلدي، وزوج ابنتي، وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، أنك حجة الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته في عباده".[1]

مع بعض فقراتها

أيها الناس إنّ قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة.
سبحانك ما أكرمك، سبحانك ما أوسع رحمتك وأعظم مغفرتك.
إنه عزّ وجل أرحم الراحمين في كلّ آن، وسعت رحمته كلّ شيء في كل حين، وهو يعطي من سأله ومن لم يسأله تحنّناً منه ورحمة، يغمر العاصين بالنعم لأنه أرحم الراحمين. وبالرغم من هذه الرحمة الواسعة فإنّ شهر رمضان شهر رحمةٍ من نوعٍ آخر، فأي رحمة هي هذه؟ وأيّ مغفرة ؟ إنّه شهر مغفرة مميزة، تقصر العقول عن إدراكها، وإذا كان مفتتح موسم هذه الأشهر الثلاثة،بمستوى " أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا والآخرة" [2] فكيف سيكون منسوب الرحمة ومستواها في شهر رمضان؟!
حقاً عندما نجد في بعض الروايات أنّ الله عزّ وجل يعتق الملايين في أوّل ليلة من شهر رمضان وفي الليلة الثانية منه يضاعف ذلك، وفي الليلة الثالثة يضاعف المضاعف ، وهكذا.. فإذا كانت آخر ليلة من شهر رمضان أعتق أضعاف ما أعتق في كلّ هذا الشهر. فأي رحمة واسعة إذاً هذه الرحمة؟
ولنتنبه إلى أن مقتضى ذلك أن يكون الثواب الذي نقرأ عنه في روايات الأعمال، فوق مستوى إدراكنا، وأن العجيب أن لايكون كذلك.
*شهرٌ هو عند الله هو أفضل الشهور. هذه العبارة عبارة أفضل الشهور" تكفي في بيان أنّ شهر رمضان هو الشهر الأهم والأفضل، فلماذا أكّد رسول الله صلى الله عليه وآله،على هذا المعنى بعبارات أخرى فقال: "وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات" وكأنّي به صلى الله عليه وآله،يريد أن يقول: يا من لم ينتبه، إنتبه جيداً، إن شهر الله أفضل الشهور. إن هذه حقيقة ينبغي أن تدركها بكلّ وجودك وكيانك. إن المقصود بوصفه بأفضل الشهور أنّ أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي والأكثر من ذلك، يجب أن تُستثمر ساعاته لأنّها أفضل الساعات.
نحن إذاً أمام بيان يحمل مزيداً من الأهمية استدعى من أفصح من نطق بالضاد، التفصيل بعد الإجمال، لتصل هذه الرسالة وتعيها أذن واعية.

وهو شهرٌ دعيتم فيه إلى ضيافة الله

من معاني هذه الدعوة، أني أنا العاصي الغريق في بحار الذنوب، أنا الذي يأمرني ربّي فأعصي، وينهاني فلا أرعوي، أنا صاحب الدواهي العظمى، يتعامل معي رب العالمين عزّ وجل وكأنّي لست مذنباً ويدعوني إلى ضيافته لعلّي أصبح متقياً، ويهيء لي أفضل مناخ وأفضل جو لعليّ أعود وأصلح إعوجاجي وأستقيم "لعلكم تتقون".
يذوب القلب خجلاً عندما يواجه شخص من الناس إساءته بنبل، فكيف هي حال المجرم المقيم على الإصرار، وهو يستمع من أساء إليه واجترأ عليه، يخاطبه بلغة الأب الرؤوف، والأم الرؤوم، تلك اللغة التي لايشي حرف منها بأدنى عتاب.
هل يمكنه إلا أن يقول "... ومنك مايليق بكرمك"!
سبحانه ما أكرمه، يحسن إلينا وتترادف النعم، لعلّنا بسناً من فيوض هذه النعم نهتدي إلى الطريق.
شهرٌ دعيتم في إلى ضيافة الله!!! يا لسعادتي إذا استطعت أن أكون مؤدباً في ساحة ضيافته ويا لشقائي إذا واصلت قلّة الأدب والجرأة على المعصية، بل والوقاحة في المحضر الربوبي، في حرم ضيافة الله عزّ وجل!

وجعلتم فيه من أهل كرامة الله.

إذا دخل ضيفٌ إلى بيت أحدنا فإنه يعامله معاملةً خاصة، وإذا أساء الضيف إليه يقول إنّه في بيتي، ويواجهه باللطف والحنان.
فأي لطف،وأي غامر حنان إلهي، ينبغي أن نتوقع في شهر ضيافة الله تعالى؟
أولا تُغتنم مثل هذه الفرصة من الناس العاديين لإصلاح مافسد من العلاقة بهم؟
فهل نغتنم؟
وأي جرأة وجريمة وتمرد وتلاعب بالمصير يمثله عدم اغتنام هذه الفرصة السانحة، واللجوء إلى التمادي في الضلال البعيد، والإساءة إلى "رب البيت" الذي نحن ضيوفه؟!
نحن إذاً أمام شهرٍ، يمكننا أن نطمع فيه بحنانٍ اشتثنائي، وكلّ حنانه عزّ وجل استثنائي، ولكنها لغة البشر تقصر عن التعبير ببعض مايليق بالمقام مما تدركه عقولنا القاصرة أصلاً عن إدراك أدنى سفح لطفه والحنان. وفي الفقرات التالية مؤشرات إلى الدليل.

أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب.

أرأيت ياقلب أنك أمام حنانٍ من نوعٍ آخر، أمام رحمة وكرامة تفوقان كل أحاسيسك ونبض العقل؟
عادة الضيف الدلال، وصاحب البيت الإكرام ،وقد يصل توقع الضيف ودلاله حد التصرف وكأنه صاحب البيت، إلا أن ذلك كله فرع حسن العلاقة وتميزها، أما أن يكون قد " أوحش مابينهما فرط العصيان" فلامجال لتوقع ضيافة من هذا النوع على الإطلاق.
إلا أن ضيوف الله عزّ وجل تبلغ كرامتهم إلى حدّ أنّ أنفاسهم تسبيح، وهذا يعني أني أنا العاصي الذي أعرف ما هي أنفاسي وأفكاري وسريرتي وباطني وظاهري، يعاملني الله تعالى بكلّ هذا الحنان والمغفرة واللطف!!
وما أنا وما خطري، وما أنا وما عملي، وما نفْسي، فضلاً عن نفَسي؟! ، لكنّ أكرم الأكرمين، يريد أن يعطينا الكثير حتّى نبلغ ونصل.
كم هو حبّ الله تعالى لعباده؟ وهل نعرف الله تعالى لنعرف حبه، وحبه على قدره، متناسب مع عظمته "ليس كمثله شيء" رغم أنه "السميع البصير" "تراني وتعلم مافي نفسي، وتخبرحاجتي وتعرف ضميري، ولايخفى عليك أمر منقلبي ومثواي،وما أريد أن
أُبديء به من منطقي، وأتفوَّه به من طلبتي،وأرجوه لعاقبتي..".[3]
ومع ذلك فهو دائماً يخاطبنا بغاية الحبّ الشديد التي تعبّر عنه الآية "يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً " وكأنّه يقول يا أحبائي توقعوا الكثيرالكثير لعلّكم تهتدون، لعلّكم تتقون.
كم هي السعادة التي تغمر القلب عندما يتنبه إلى أن له رصيداً هائلاً من فيض حب الله تعالى يمكنه أن يؤسس عليه وينطلق منه؟
وكم هو الشقاء والتعاسة عندما يكون العطاء الإلهي بهذه الأبعاد، وتكون الضيافة الإلهية بكل هذا الحنان وهذه المحبة، ثم يعرض المدعو إلى الضيافة عنها، إما لأنّه لا يريد أن يصوم، أو لأنه يريد أن يكون صومه عادياً، أي عن الطعام والشراب فقط، فلا يصوم عن المعاصي.
ماذا ينبغي أن نفعل في هذا الجو، جو الضيافة الإلهية؟

فاسألوا الله ربّكم بنيّاتٍ صادقة وقلوبٍ طاهرة أن يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه.

فلنجعل آخر جمعة من شعبان فرصة للتدرب على أن نسأل الله تعالى بنيات صادقة وقلوب طاهرة، ولنبدأ من الآن بالإستعداد الجاد لكي نكون من أهل ضيافة الرحمن.
عندما يصوم الإنسان في شهر شعبان صياماً مستحباً ويراقب نفسه ويدربها على اجتناب الغيبة في صومه وبعد إفطاره، وعلى احتناب الكلمة الحرام والنظرة الحرام، فهو يتدرب لشهر رمضان ويستعد له، وسيأتي أول يوم منه وقد رفع من مستوى صومه بدرجة عالية. أما إذا لم يستعد، وبقي مفطراً، وفجأة في اليوم التالي لشعبان يبدأ صيام شهر رمضان ،فسيبقى يخطئ ويصيب ويقوم ويقع، إلى أن يمضي شهر رمضان أو قسمٍ كبير منه.
من الآن ينبغي أن نبدأ بتعويد أنفسنا على قراءة القرآن الكريم، فإن من كان لا يقرأ القرآن يومياً ودخل شهر رمضان وهو على هذه الحال، فسيخسر خسارة كبيرة إذا مرّ عليه يوم من شهر رمضان ولم يقرأ فيه القرآن. علينا إذاً على الأقل أن نحرص على التدرب على قراءة خمسين آية كما تؤكد أكثر الروايات، ليدخل شهر الله تعالى وقد اعتدناعلى قراءة كتاب الله عزّ وجل يومياً.

صوم ثلاثة وعشرين يوماً
عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
" ومن صام ثلاثة وعشرين يوماً من شعبان أُتي بدابةٍ من نورٍ عند خروجه من قبره، فيركبها طياراً إلى الجنّة".[4]
هنيئاً لأصحاب النعيم نعيمهم. قد يخرج الإنسان من قبره ذهلاً مذعوراً حاملاً ثقله على ظهره ينظر تارةً عن يمينه وتارةً عن شماله يعاني من أهوال يوم القيامة وشدّة وطأتها، وقد يخرج وهو يمشي باطمئنان لا يحزنه الفزع الأكبر، وقد يخرج الإنسان من قبره راكباً، ولعل المراد أنّه يكون داخل ماتشبهه الطائرة، أو السفينة الفضائية، وقد عُبر لنا نحن القاصرين عن فهم حقائق الآخرة بتعبير" دابة من نور" و تقدم أكثر من مرة احتمال أن يكون المقصود واسطة نقل تدب دبيباَ ولذلك عبر عنها بالدابة.
قال تعالى: * "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً". * مريم 85
و في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: سأل على عليه السلام،رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قوله تعالى : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال : يا علي إن الوفد لا يكون إلا ركباناً، اولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله واختصهم ورضي أعمالهم فسماهم الله المتقين..."
" وفي حديث آخر قال : إن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق الجنة".[5]
بعض المؤمنين إذاً، لا يرون من المحشر حتى ازدحامه، لا يلجمهم العرق ولا تخلع أفئدتهم الأهوال، بل إنهم أيضاً لا يمشون، فهم أكرم على الله من أن يمشوا في أرض المحشر وإنّما ينتقلون بواسطة النقل الخاصّة الإلهية التي هي من نور، ومن الطبيعي أن لهذا النورعلاقة بنور أعمالهم فيدخلون إلى الجنة مباشرة.
والنتيجة أن هناك علاقة بين صوم ثلاثة وعشرين يوماً من شعبان، وبين الإنتقال إلى الجنة بواسطة نقل خاصة ربما كانت طائرة من طائرات الجنّة، أو سفينة فضائية من سفنها، أو فوق ذلك مما لايخطر على قلب بشر وهو الصحيح. "اللهم ارزقنا".

صلاة الليلة الرابعة والعشرين
أورد السيد ابن طاوس عليه الرحمة، عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
"ومن صلّى في الليلة الرابعة والعشرين من شعبان ركعتين يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وإذا جاء نصر الله والفتح عشر مرات أكرمه الله تعالى بالعتق من النار والنجاة من العذاب وعذاب القبر،والحساب اليسير وزيارة آدم ونوح والنبيين والشفاعة".[6]
قد يعتق شخص من النار بعد أن يدخلها، أو يعذب قبل دخولها، أو يحاسب حساباً عسيراً أو يسيراً، ولايكون من أهل الشفاعة لغيره، ثم يعتق، أماأن يعتق من النار وينجو من العذاب بما يشمل عذاب القبر والبرزخ، و لايحاسب أبداُ ويكرم بزيارة النبيين وأن يشفع لغيره، فذلك شأن آخر مختلف جملة وتفصيلاً. إنه رشحة من مظهر الكرم الإلهي.
أسأل الله عزّ وجل أن يوفقنا لمراضيه بالنبي المصطفى وآله صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين.
والحمد لله ربّ العالمين.


ـــــــــــــــــــــــــــــ​ــــــــــــــــــــــــــــــ​ــــــــــــــــــــــــــــــ​ـ

[1] السيد ابن طاوس، الإقبال 1/25-27،وقد أوردالسيد هذه الخطبة المباركة،نقلاً عن كتاب " بشارة المصطفى لشيعة المرتضى،لمحمد بن أبي القاسم الطبري،الذي أوردها بسنده إلى الحسن بن فضال عن الإمام الرضا عليه السلام،وقد ذكر محقق هذا الكتاب" بشارة المصطفى.." ص534 أنه لم يجد الخطبة في النسخ (الناقصة) التي وصلت إلينا من الكتاب،فأوردها من الإقبال،وقد أورد الشيخ الصندوق هذه الخطبة المباركة بسندين (صحيحين) إلى الحسن بن فضال،في ثلاثة من كتبه هي عيون أخبار الرضا عليه السلام2/165والأمالي/153-154وفض​ائل الأشهر الثلاثة/77-78وسنده في الأول (العيون) يختلف عن سنده في الثاني والثالث.
ولدى محاولة معرفة السبب في اعتماد السيد ابن طاوس نص الخطبة كماورد في " بشارة المصطفى.." وعدم اعتماد أحد كتب السيخ الصدوق التي يكثر النقل منها،نجد احتمالين: الأول: الإلفات إلى وجود طريق ثالث إلى الخطبة المباركة،غير طريقي الشيخ الصدوق. الثاني: رغم أن الإختلاف بين نص البشارة ونص كتب الشيخ،يسيرة وجزئية،إلا أن نص البشارة عموماً أسلم من التصحيف وأكمل.
وقد اعتمدت هنا نص البشارة الذي أورده السيد مصححاً في بعض الموارد النادرة على مافي (العيون)،ويشير الخط تحت بعض الكلمات فيه إلى موارد الإختلاف بين النصين،والتي يرجع السبب فيها إلى التصحيف كما تلاحظ.
تجدر الإشارة إلى أن الشهيد الفتال النيسابوري،قد أورد الخطبة في روضة الواعظين345ولكن بدون سند، وأن الحر العاملي،الوسائل10/313والمجلسي،​البحار93/256 اعتمدا نص الشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليهم أحمعين.
والخلاصة أننا أمام نص صحيح السند،لاتعارض بينه بطرقه الثلاثة،بل هناك تفاوت يسير في بعض كلماته سببها التصحيف،إلا أنه لايضر بالمعنى إطلاقاً.


[2] من الدعاء الذي يدعى به في رجب بعد كل فريضة.

[3] من المناجاة الشعبانية.

[4] الإقبال3/360.

[5] القمي(علي بن إبراهيم) تفسير القمي2/53

[6] الإقبال3/

sun

انثى تاريخ التسجيل : 09/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى