فلسفة زكاة الفطرة
صفحة 1 من اصل 1
فلسفة زكاة الفطرة
ومن المستويات المعنوية والأخلاقية التي يمكننا أن نفهمها من زكاة الفطرة ، كما يلي :
المستوى الأول : إن العبادة قد تكون تامة وقد تكون ناقصة أمام الله سبحانه ، بل العبادة عموماً ناقصة أمامه جل جلاله ، لأنها لم تؤد حق طاعته ومقدار عظمته ، والمطلوب من بذل العبودية تجاهه .
بما في ذلك صوم شهر رمضان ، الذي يقول عنه في الدعاء : إننا قد أديناه مع اعتراف بالتقصير وإقرار بالتضييع .
ومن هنا أمكن لزكاة الفطرة أن تكون سداً لتلك الثغرة ، إما بعنوان ملء الفراغ الحاصل ، أو التسبيب إلى غفران ذلك التقصير ، أو بعنوان إضافة تضحية المال إلى تضحية البدن ، لتكون التضحية أتم وأكمل وأشمل .
المستوى الثاني : غن فطرة الإنسان خلقته ، وماله هو ما يحصل عليه من نتائج في هذه الدنيا .
فكما ان المال يحتاج إلى زكاة وتطهير ضمن زكاة المال ، تحتاج الفطرة إلى زكاة وتطهير ، ضمن زكاة الفطرة.
والفطرة الأصلية وإن كانت طاهرة حقيقة ، إلاَّ أن الفطرة الفعلية ، التي وجد بها الإنسان في الدنيا ليست كذلك ، فإن المودع في الإنسان كل من جانبي الحق والباطل ، قال تعالى : ﴿ وهديناه النجدين ﴾ لا يستثنى من ذلك حتى المعصومين عليهم السلام ولكل حصل بلطف الله ورحمته أن اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
1)
كتاب الزكاة
فالفطرة إذن، قد تكون متدنسة بالباطل . ومن هنا احتاجت إلى زكاة وتطهير ،وكان دفع الزكاة واجباً لا مستحباً.
المستوى الثالث: إن السبب المشهور لأداء العبادات هو شكر المنعم وزكاة الفطرة من العبادات ، فتكون مصداقاً من الشكر لله عز وجل .
وباعتبار موعدها ، وهو الزمن اللاحق لشهر رمضان المبارك ، فقد تكون شكراً على توفيقه لأداء العبادة ، أو على إعطائه فرصة التوبة والغفران في شهر رمضان ، ونحو ذلك .
المستوى الرابع : إننا فسرنا الإفطار في كتاب الصوم من كتابنا هذا بأنه يعبر عن ممارسة شيء من لذائذ الدنيا ومتابعة بعض الشهوات ، في مقابل الإعراض عن حب الدنيا وقطع الشهوات والزهد فيها .
ولما يكون حب الدنيا مبغوضاً أخلاقياً ، وممارسة الشهوات أياً كانت مرجوحة فيها . وفي الدعاء : " اللهم أخرج حب الدنيا من قلبي " إذن سيكون ممارستها ذنباً أخلاقياً أكيداً.
فإذا كان الإعراض عن الدنيا وحبها هو الصوم ، فإن ممارسة ما يضاده من الأمرو بمنزلة الإفطار والإنسان لا محالة يمارس شيئاً من ذلك في هذه الحياة الدنيا ، فيكون قد مارس ذنباً أخلاقياً لا محالة ، أو عدة ذنوب .
وكل ذنب يحتاج إلى تسبيب إلى غفرانه أو تطهيره ، أو التطهير منه أو من آثاره المعنوية .
ومن هذه الزاوية تماماً يمكن أن نفهم زكاة الفطر ، على اعتبار أن الفطر هو مما رسة بعض الشهوات ، وهي تحتاج إلى زكاة وتطهير .فكل ما يعمله الفرد من الطاعات والاستغفار في سبيل ذلك ، يكون من ( زكاة الفطر).
فإن قلت : فإنه كيف يكون الفطر بهذا المعنى عيداً للمسلمين ، في حين أن سببه من المرجوحات الأخلاقية .
فجوابه : غن الجواب الكامل مما لا يمكن بيانه الآن ، ولكن يكفينا أن نلتفت إلى ما قلناه في الجزء الأول من هذا الكتاب : من أن الزهد ليس مطلوباً بالذات بل إنما هو مقدمة للتكامل والصعود في الدرجات . فقد يصل الفرد إلى درجة معتد بها من الكمال ، بحيث يستغنى عن الزهد ويمكنه التخفيف منه أو تركه ، بدون أن يلازم ذلك حب الدنيا أو الميل إلى الشهوة .و وعندئذ يجوز له الإفطار المعنوي .
وعندئذ يكون العيد ، لا باعتبار العود إلى ممارسة الإفطار ، بل باعتبار الوصول إلى تلك المرحلة المهمة ، او باعتبار الإفطار عندئذ بالعطاء المعموي والرحمة الخاصة .
وأما سائر الناس فيبقى فهم عيدهم ، على مستوى الفهم الظاهري للشريعة .
الفقرة ( 1 )
قال الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل – إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان – والله على كل شيء قدير ﴾ .
والفهم الفقهي لهذه الآية الكريمة هو الحكم بملكية هؤلاء الأصناف لخمس الغنيمة ، وقد فسرت السنة الشريفة، هذه الأصناف : بأن ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو لذي القربى ، وهو الإمام المعصوم ( ع ) ، وما كان للإمام فهو لنائبه العام أو الخاص . وما كان لليتامى والمساكين وابن السبيل فهو مشروط بأن يكونوا من بني هاشم ، ولا يجوز إعطاؤها لغيرهم ، كما لا يجوز إعطاء الزكاة إليهم .
والآبة لا تدل على وجوب الدفع ، بل تدل على ملكيتهم في العين ، بهذا المقدار من الكسر العشري ، فيجب دفع ما يملكون إليهم . من حيث أنه يجب إيصال كل مملوك إلى مالكه .
وفسر فقهاؤنا الغنيمة ، طبقاً للسنة المعتبرة بمطلق الغنيمة ، يعني كل مال يدخل في ملكية الإنسان مجدداً ولا تكون خاصة بالغنائم الحربية الجهادية ، ومن هنا شملت الهدية وأرباح السنة وغيرها .
ولا نريد أن نناقش في ذلك ، إذ لعل كل ذلك من ضروريات الفقه عندنا ، والأخذ به يكاد أن يكون إجماعاً .
وإنما نريد أن نخطو خطوة واحدة إلى باطن الآية لكي نستفيد من الجهة الأخلاقية . ومثل هذا الباطن يحتاج إلىمفتاح يدل عليه وطريق يوصل إليه .
المستوى الأول : إن العبادة قد تكون تامة وقد تكون ناقصة أمام الله سبحانه ، بل العبادة عموماً ناقصة أمامه جل جلاله ، لأنها لم تؤد حق طاعته ومقدار عظمته ، والمطلوب من بذل العبودية تجاهه .
بما في ذلك صوم شهر رمضان ، الذي يقول عنه في الدعاء : إننا قد أديناه مع اعتراف بالتقصير وإقرار بالتضييع .
ومن هنا أمكن لزكاة الفطرة أن تكون سداً لتلك الثغرة ، إما بعنوان ملء الفراغ الحاصل ، أو التسبيب إلى غفران ذلك التقصير ، أو بعنوان إضافة تضحية المال إلى تضحية البدن ، لتكون التضحية أتم وأكمل وأشمل .
المستوى الثاني : غن فطرة الإنسان خلقته ، وماله هو ما يحصل عليه من نتائج في هذه الدنيا .
فكما ان المال يحتاج إلى زكاة وتطهير ضمن زكاة المال ، تحتاج الفطرة إلى زكاة وتطهير ، ضمن زكاة الفطرة.
والفطرة الأصلية وإن كانت طاهرة حقيقة ، إلاَّ أن الفطرة الفعلية ، التي وجد بها الإنسان في الدنيا ليست كذلك ، فإن المودع في الإنسان كل من جانبي الحق والباطل ، قال تعالى : ﴿ وهديناه النجدين ﴾ لا يستثنى من ذلك حتى المعصومين عليهم السلام ولكل حصل بلطف الله ورحمته أن اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
1)
كتاب الزكاة
فالفطرة إذن، قد تكون متدنسة بالباطل . ومن هنا احتاجت إلى زكاة وتطهير ،وكان دفع الزكاة واجباً لا مستحباً.
المستوى الثالث: إن السبب المشهور لأداء العبادات هو شكر المنعم وزكاة الفطرة من العبادات ، فتكون مصداقاً من الشكر لله عز وجل .
وباعتبار موعدها ، وهو الزمن اللاحق لشهر رمضان المبارك ، فقد تكون شكراً على توفيقه لأداء العبادة ، أو على إعطائه فرصة التوبة والغفران في شهر رمضان ، ونحو ذلك .
المستوى الرابع : إننا فسرنا الإفطار في كتاب الصوم من كتابنا هذا بأنه يعبر عن ممارسة شيء من لذائذ الدنيا ومتابعة بعض الشهوات ، في مقابل الإعراض عن حب الدنيا وقطع الشهوات والزهد فيها .
ولما يكون حب الدنيا مبغوضاً أخلاقياً ، وممارسة الشهوات أياً كانت مرجوحة فيها . وفي الدعاء : " اللهم أخرج حب الدنيا من قلبي " إذن سيكون ممارستها ذنباً أخلاقياً أكيداً.
فإذا كان الإعراض عن الدنيا وحبها هو الصوم ، فإن ممارسة ما يضاده من الأمرو بمنزلة الإفطار والإنسان لا محالة يمارس شيئاً من ذلك في هذه الحياة الدنيا ، فيكون قد مارس ذنباً أخلاقياً لا محالة ، أو عدة ذنوب .
وكل ذنب يحتاج إلى تسبيب إلى غفرانه أو تطهيره ، أو التطهير منه أو من آثاره المعنوية .
ومن هذه الزاوية تماماً يمكن أن نفهم زكاة الفطر ، على اعتبار أن الفطر هو مما رسة بعض الشهوات ، وهي تحتاج إلى زكاة وتطهير .فكل ما يعمله الفرد من الطاعات والاستغفار في سبيل ذلك ، يكون من ( زكاة الفطر).
فإن قلت : فإنه كيف يكون الفطر بهذا المعنى عيداً للمسلمين ، في حين أن سببه من المرجوحات الأخلاقية .
فجوابه : غن الجواب الكامل مما لا يمكن بيانه الآن ، ولكن يكفينا أن نلتفت إلى ما قلناه في الجزء الأول من هذا الكتاب : من أن الزهد ليس مطلوباً بالذات بل إنما هو مقدمة للتكامل والصعود في الدرجات . فقد يصل الفرد إلى درجة معتد بها من الكمال ، بحيث يستغنى عن الزهد ويمكنه التخفيف منه أو تركه ، بدون أن يلازم ذلك حب الدنيا أو الميل إلى الشهوة .و وعندئذ يجوز له الإفطار المعنوي .
وعندئذ يكون العيد ، لا باعتبار العود إلى ممارسة الإفطار ، بل باعتبار الوصول إلى تلك المرحلة المهمة ، او باعتبار الإفطار عندئذ بالعطاء المعموي والرحمة الخاصة .
وأما سائر الناس فيبقى فهم عيدهم ، على مستوى الفهم الظاهري للشريعة .
الفقرة ( 1 )
قال الله عز وجل في كتابه الكريم : ﴿ واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل – إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان – والله على كل شيء قدير ﴾ .
والفهم الفقهي لهذه الآية الكريمة هو الحكم بملكية هؤلاء الأصناف لخمس الغنيمة ، وقد فسرت السنة الشريفة، هذه الأصناف : بأن ما كان لله فهو لرسوله ، وما كان للرسول فهو لذي القربى ، وهو الإمام المعصوم ( ع ) ، وما كان للإمام فهو لنائبه العام أو الخاص . وما كان لليتامى والمساكين وابن السبيل فهو مشروط بأن يكونوا من بني هاشم ، ولا يجوز إعطاؤها لغيرهم ، كما لا يجوز إعطاء الزكاة إليهم .
والآبة لا تدل على وجوب الدفع ، بل تدل على ملكيتهم في العين ، بهذا المقدار من الكسر العشري ، فيجب دفع ما يملكون إليهم . من حيث أنه يجب إيصال كل مملوك إلى مالكه .
وفسر فقهاؤنا الغنيمة ، طبقاً للسنة المعتبرة بمطلق الغنيمة ، يعني كل مال يدخل في ملكية الإنسان مجدداً ولا تكون خاصة بالغنائم الحربية الجهادية ، ومن هنا شملت الهدية وأرباح السنة وغيرها .
ولا نريد أن نناقش في ذلك ، إذ لعل كل ذلك من ضروريات الفقه عندنا ، والأخذ به يكاد أن يكون إجماعاً .
وإنما نريد أن نخطو خطوة واحدة إلى باطن الآية لكي نستفيد من الجهة الأخلاقية . ومثل هذا الباطن يحتاج إلىمفتاح يدل عليه وطريق يوصل إليه .
يحيى- تاريخ التسجيل : 18/08/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى