في ذكرى وفاة الإمام الصادق (ع)

بسمّ الله الرحمن الرحيم
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته



عظمّ الله أجوركم، وأحسن الله لكم العزاء في إمامكم الصّادق (ع)




ونحن نعيش ذكرى استشهاد الإمام السّادس من أئمّة الهدى (ع)، أعني الإمام جعفر بن محمّد الصّادق (ع)، الذي تولّد في اليوم الميمون الذي كانت الأمّة تحتفي فيه بالذكرى الثمانين لميلاد رسول الإنسانيّة محمّد بن عبد الله (ص) – حسب القول المختار –، فصار الفرح فرحين: فرح ذكرى ولادة الرسول الأعظم (ص)، وفرح ولادة حفيده الإمام الصّادق (ع).. نحبّ أن نخصّص هذا الموضوع للحديث عن الإمام الصّادق (ع) وما يرتبط به، فنقول:

الإمام الصّادق (ع) عصارة جهادٍ مقدّس:
لقد تولّد الإمام الصّادق (ع) من أبوين كريمين فاضلين: فالأب هو الإمام محمّد بن علي الباقر (ع)، أوّل وليد تجتمع فيه عناصر سيّدي شباب أهل الجنّة الحسنِ والحسين (ع)، والأمّ هي فاطمة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر (الخليفة الأوّل)، ومحمّد بن أبي بكر (رضوان الله عليه) هو ربيب عليّ بن أبي طالب (ع)، فقد مات أبوه (أبو بكر) وهو لا يزال طفلاً صغيراً، فتزوّج أمير المؤمنين (ع) بأمّه أسماء بنت عميس، فتربّى محمّد في أحضان عليّ (ع)، ونهل من علومه فكانت له السابقة في الجهاد بين يدي أمير المؤمنين (ع)، ويكفي محمّدٌ فخراً وشرفاً أن يقول أمير المؤمنين (ع) في حقّه: "محمّد ابني من صلب أبي بكر"، وقال فيه وهو يرثيه: "فلقد كان إليَّ حبيباً، وكان لي ربيباً"، وقال لابن عبّاس (رض) مرّة وهو يرثي محمّداً (رض): "ومحمّد بن أبي بكر (رحمه الله) قد استشهد، فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً، وعاملاً كادحاً، وسيفاً قاطعاً"... إلى غيرها من الكلمات التي تدلّل على مكانة محمّد في قلب أمير المؤمنين (ع)، وإذا عرفنا أنّ عليّاً (ع) لا يتكلّم من منطلق العاطفة، ولا يتحدّث من منطلق الهوى، وإنّما يتكلّم من منطلق الإيمان، ومن منطلق الحبّ في الله تعالى عرفنا ما لمحمّد بن أبي بكر من درجة إيمانيّة، وروح قتاليّة في سبيل الله تعالى، ممّا يدلّك على أنّ الإمام الصّادق (ع) هو عصارة جهاد مقدّس من جانب الأب ومن جانب الأم أيضاً.